ا شهد المغرب تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، تحولات جذرية في مجال التحول الرقمي على مدى ربع قرن من الزمن. هذه التحولات لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت نتيجة لرؤية استراتيجية وقيادة حكيمة بدأت منذ تولي جلالته للعرش سنة 1999، مما وضع المغرب في مصاف الدول الرائدة في إفريقيا في مجال التكنولوجيا الرقمية وعزز تَموقُعه العالمي في عدة مجالات أخرى.
وقد تركت هذه التحولات بصمة واضحة على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية في المغرب وذلك من خلال المبادرات الطموحة التي شملت تحديث البنية التحتية الرقمية، وتعزيز التكوين في مجال التكنولوجيا، وإطلاق استراتيجيات وطنية كبرى. كل هذا مكن المملكة من إرساء دعائم تحول رقمي شامل يعزز التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
نستعرض في هذا المقال بعض أهم الإنجازات والمحاور التي ساهمت في هذا التحول الرقمي.
لقد تزامن تولي جلالة الملك محمد السادس للعرش سنة 1999 مع بداية هيكلة قطاع الاتصالات والتكنولوجيا في المغرب. ففي عام 1997، انطلقت مشاريع هيكلة المجال بمبادرات مثل إنشاء مجموعة تكنولوجيا المعلومات وتنظيم أول ندوة وطنية حول خدمات التكنولوجيا وكذا من خلال إنشاء الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات، بالإضافة إلى ميلاد كيانين هامين: شركة اتصالات المغرب وبريد المغرب.
وبفضل رؤيته المتبصرة، أعطى جلالة الملك منذ توليه العرش أهمية كبرى للتكنولوجيا كأداة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد والتي مكنت أولا من استكمال هيكلة وتحرير مجال الاتصالات وإنشاء البنيات التحتية اللازمة لاستعمال خدمات الهاتف، والإنترنت، والشبكات المحمولة وغيرها، قبل أن تقوي من دور التكنولوجيا في تطوير كل المجالات الحيوية.
وتُعزى كل الإنجازات التي عرفها المغرب خلال هاته السنوات لإرادة ملكية شملت كل القطاعات واعتبرت التكنولوجيا أساسا لبناء اقتصاد المعرفة. ولعل ما يبرز هاته الإرادة الراسخة والطموحة كون مصطلحات التنمية الرقمية والتكنولوجيا تظهران في معظم خطابات جلالته الرسمية وفي رسائله السامية الموجهة للمنظمات الوطنية والدولية خلال الفعاليات ذات المستوى العالي وكذا في رسائله وتوجيهاته للمسؤولين الحكوميين ومؤسسات الدولة.
الولوج للتكنولوجيا
منذ تولي جلالة الملك محمد السادس عرش المغرب، انطلقت خطط طموحة لتعزيز الولوج للتكنولوجيا. كانت البداية مع خطة المغرب الخُمسية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات للفترة 1999-2003، والتي ركزت على:
- وضع تشريعات رقمية قادرة على الاستجابة للقضايا الراهنة.
- بدء نقطة تحول في التعليم ودمج أدوات تكنولوجيا المعلومات والإنترنت في المدارس.
- تجنب الفجوة الرقمية من خلال السياسات التي من شأنها تعزيز نشر التكنولوجيات الجديدة.
- تمويل إنشاء الأعمال التجارية في اقتصاد المعرفة الجديد.
إدماج التكنولوجيا في التعليم وفي مجالات أخرى
لقد برز دور التكنولوجيا في إعادة تأهيل الأطر وإعداد الكفاءات في عديد من الخطب السامية. ففي خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للسنة التشريعية الثالثة في أكتوبر 1999، أكد جلالته على أن “التطورات المتسارعة تفرض إعادة تأهيل الأطر والعمال المزاولين فبالأحرى المرشحين للعمل ليتسنى لهم مواكبة المستجدات”. ودعا الشباب إلى استعادة الثقة في أنفسهم وإظهار روح المبادرة والابتكار.
وركز جلالته في مناسبات عديدة على دور التكنولوجيا في مواكبة هذه المستجدات مما مكن من إطلاق مبادرات عدة ساهمت في بناء أجيال مواكبة لتطور مجال المعلوميات والاتصالات.
ومن بين رسائل جلالته التي أكد فيها على أهمية إدماج التكنولوجيا في التعليم، نص الرسالة السامية التي وجهها إلى الوزير الأول حول المخطط الخماسي في دجنبر 1999، حيث حثَ على ضرورة إصلاح النظام التربوي والتعليمي للانخراط في مجتمع المعرفة والتكنولوجيا والإعلام.
ومع توالي السنوات، استمر جلالته في الحث على استعمال التكنولوجيا في باقي المجالات والتي نذكر منها على سبيل المثال قطاع الرياضة ومجال الإعلام وقطاع التراث الثقافي ومجال الطاقات المتجددة ومجال الماء وغيرها من باقي المجالات.
من نص رسالة جلالة الملك إلى المشاركين في المنتدى العربي الخامس للتربية والتعليم بالصخيرات سنة 2008:
“ويأتي في المقام الأول، تراثنا المشترك، الذي تمثله بالأساس، لغتنا العربية، التي تستدعي منا اليوم وأكثر من أي وقت مضى، مجهودا خاصا لتنميتها وتأهيلها، وجعلها تستفيد من دينامية خلاقة للبحث اللغوي في مجال الاستباق والتعريب والمصطلح العلمي، من أجل امتلاك تكنولوجيا المعلوميات، وضمان حضور أكثر وزنا في فضاءات الإعلام والاتصال.”
من نص الرسالة الملكية إلى المشاركين في المناظرة الوطنية للرياضة بالصخيرات يوم 24 أكتوبر 2008:
“فبفضل التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال، صارت الرياضة تحظى بمتابعة واسعة تضعها تحت المجهر، لذلك ندعو الإعلام الرياضي إلى التعاطي مع الشأن الرياضي بكل مسؤولية وحرية وبموضوعية واحترافية، وكل ذلك في التزام بأخلاقيات الرياضة والمهنة الإعلامية، بحيث ينتصر هذا الاعلام الوطني دوما للنهوض بالرياضة والمثل السامية التي تقوم عليها”
مقتطف من خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى الأمة بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب سنة 2012:
“يتعين توفير الظروف الملائمة للولوج إلى السكن والصحة، ومختلف خدمات القرب، من مرافق رياضية، وفضاءات ترفيهية، وهياكل تساعد على الاندماج، ومراكز تكنولوجيا المعلومات والاتصال”
من نص الرسالة السامية إلى المشاركين في أشغال الدورة الـ17 للجنة الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي التابعة لليونيسكو سنة 2022:
“كما نشدد على ضرورة رقمنة الموروث الثقافي الغني، ومكونات التراث غير المادي، تماشيا مع تطور العصر، وما يعرفه عالمنا من تحديات رقمية وتكنولوجية”
من نص الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لعيد العرش المجيد سنة 2024:
“ونود أن نؤكد أخيرا، على ضرورة تشجيع الابتكار، واستثمار ما تتيحه التكنولوجيات الجديدة في مجال تدبير الماء“
البنيات التحتية الرقمية لتعزيز التنافسية
شهدت الفترة من 2004 إلى 2008 رؤية تنموية لقطاع الاتصالات ركز من خلالها المغرب على إنشاء بيئة تنافسية من خلال إصلاح الإطار التنظيمي. وهَمت هاته الإصلاحات تحديث القوانين المتعلقة بالبريد والاتصالات وزيادة تغطية الشبكات الثابتة والمحمولة بالإضافة إلى تحسين الخدمات وتوسيع البنية التحتية للإنترنت.
وتزامنت هاته الرؤية مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية “المغرب الإلكتروني 2010″، والتي هدفت إلى تطوير مجتمع المعلومات واقتصاد المعرفة وتعزيز النمو الاقتصادي من خلال تقليص الفجوة الرقمية وتحديد موقع المغرب على المستوى الدولي في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
فبفضل هاتين الاستراتيجيتين تمكن المغرب من تطوير بنياته التحتية للاتصالات والتي من شأنها تمكين الشركات من تطوير خدماتها والتأسيس لمناخ أعمال قادر على استقطاب مستثمرين جدد في مجال التكنولوجيا.
تطوير الاقتصاد الرقمي
في عام 2009، تم إطلاق برنامج “المغرب الرقمي 2013” بميزانية بلغت 5.2 مليار درهم لتطوير التقنية الرقمية. وركز البرنامج على:
- جعل الإنترنت عالي السرعة في متناول المواطنين والشركات.
- تطوير الخدمات العمومية الموجهة للمواطن عبر الحكومة الإلكترونية.
- حوسبة الشركات الصغيرة والمتوسطة.
- تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات المحلي من خلال دعم الفاعلين المحليين.
وعرفت هاته الفترة تطوير أنشطة متعددة بما في ذلك مراكز الاتصال والأعمال التجارية الإلكترونية والحكومة الإلكترونية، علاوة عن توفير مناطق خاصة بترحيل الخدمات والابتكار والتي تم تطويرها على مر ربع قرن في مختلف ربوع المملكة. ونذكر منها:
كازا نيرشور، تكنوبوليس سلا، وجدة شور، تطوان شور، فاس شور، تكنوبارك بالرباط والدار البيضاء وأكادير وطنجة وغيرها من المنشآت التي تمكن اليوم الشركات المتخصصة في التكنولوجيا والشركات الناشئة من الابتكار الرقمي وتطوير خدمات رقمية عالية الجودة.
ونتيجة لهاته المجهودات بلغ عائد التصدير في قطاع ترحيل الخدمات 17.9 مليار درهم في عام 2023، مما جعل المغرب ثاني أفضل وجهة للأوفشورينغ في إفريقيا.
إحداث مؤسسات خاصة بالتنمية الرقمية
لقد استمر تأكيد جلالة الملك على ضرورة تسريع التحول الرقمي لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المرجوة. ففي أكتوبر 2016، دعا جلالته في خطاب ألقاه في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية إلى تعميم الإدارة الإلكترونية مؤكدا أنه:
“يتعين تعميم الإدارة الإلكترونية بطريقة مندمجة، تتيح الولوج المشترك للمعلومات بين مختلف القطاعات والمرافق. فتوظيف التكنولوجيات الحديثة، يساهم في تسهيل حصول المواطن على الخدمات في أقرب الآجال دون الحاجة إلى كثرة التنقل والاحتكاك بالإدارة، الذي يعد السبب الرئيسي لانتشار ظاهرة الرشوة واستغلال النفوذ”.
وعرف المغرب آنذاك إطلاق مخطط “المغرب الرقمي 2020” والذي اعتبر أن بناء إطار قانوني يضمن الثقة الرقمية للمستخدمين من أهم ركائز السيادة الرقمية للمملكة.
وبما أن هذا التحول لا يخلو من الأخطار الرقمية، عزز المغرب أمنه الإلكتروني بفضل المديرية العامة لأمن نُظُم المعلومات التي تعتمد سياسات صارمة لتعزيز الأمن السيبراني لدى المؤسسات العمومية وكذا لحماية المستعملين وتوفير فضاء رقمي آمن للمغاربة. وفي خضم مواكبتها اليقِظة لتطورات هذا المجال، أعلنت المديرية مؤخرا عن الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني 2030.
ولضمان الثقة الرقمية للمستخدمين التي حث عليها جلالته في عديد من المناسبات وتكميلا للجهود المبذولة لحماية المواطنين داخل الفضاء الرقمي، أحدث المغرب سنة 2009 اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية والتي تضطلع بمهمة التحقق من أن عمليات معالجة المعطيات الشخصية تتم بشكل قانوني وأنها لا تمس بالحياة الخاصة أو بحقوق الإنسان الأساسية أو بالحريات.
كما تم في عام 2017 بتعليمات سامية من جلالة الملك إنشاء وكالة التنمية الرقمية بهدف تحسين وتطوير السياسات الرقمية للمملكة. حيث تركز الوكالة على وضع وتنفيذ استراتيجيات رقمية وطنية وتطوير البنية التحتية الرقمية ودعم الشركات الناشئة في المجال الرقمي.
وتأكد هذا التوجه أكثر فأكثر مع إنشاء وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة سنة 2021، والتي من شأنها العمل على تعزيز التحول الرقمي في جميع القطاعات الحكومية. حيث تهدف الوزارة إلى تطوير بنية تحتية رقمية قوية وتعزيز الابتكار الرقمي وتحسين جودة الخدمات العمومية من خلال تبني التكنولوجيا. ثم تلا ذلك إحداث اللجنة الوطنية للتنمية الرقمية بهدف وضع وتنفيذ السياسات الرقمية الوطنية، وتنسيق الجهود بين مختلف الفاعلين في القطاع الرقمي، وتعزيز التعاون الدولي في هذا مجال.
بالإضافة إلى هاته المؤسسات الحكومية المتخصصة في التنمية الرقمية، انخرطت باقي المؤسسات في هذا الانتقال الرقمي والتحول التكنولوجي باستراتيجيات مؤسساتية وقطاعية لرقمنة خدماتها كما هو الحال بالنسبة للمديرية العامة للضرائب والمديرية العامة للأمن الوطني والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وغيرها من الإدارات العمومية والوزارات.
التكوين في مجالات الرقمنة والتكنولوجيا
لقد عمل المغرب خلال الخمس وعشرين عاما الماضية على تعزيز التكوين في مجالات الرقمنة والتكنولوجيا، وذلك من خلال إنشاء معاهد متخصصة وتقديم برامج تدريبية متقدمة.
كما أن حرص جلالة الملك على التمكين الاقتصادي للمرأة كان له وقع أيضا على مجال التكنولوجيا في المغرب ودور المرأة في التنمية الرقمية، حيث بلغت نسبة النساء من خريجي دراسات العلوم والتكنولوجيا 50% سنة 2021.
وفي عام 2023، تم توقيع اتفاقية تسمح بمضاعفة عدد الخريجين في المجال الرقمي ثلاث مرات تقريبًا بحلول سنة 2027. بالإضافة إلى اعتماد 393 مسلكًا جامعيًا في مجال الرقمنة للموسم الجامعي 2023-2024، منها 183 مسلكًا جديدًا.
ورش الرقمنة في النموذج التنموي الجديد
جاء تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الذي أمر جلالة الملك بنشره سنة 2021 بعدة أوراش تحويلية لإطلاق النموذج التنموي الجديد. ولعل كون أولها هو ورش الرقمنة يوضح الأهمية الكبرى التي يكتسيها التحول الرقمي في تنمية المملكة.
ففي هذا الإطار، أوصت اللجنة التي عينها وكلفها جلالته بهذه المهمة بتأهيل البنيات التحتية الرقمية للصبيب العالي والعالي جدًا، الثابت والمحمول، وتطوير منصات رقمية لكل الخدمات المقدمة للمواطنين والمقاولات وكذا تكوين الكفاءات بأعداد كافية لتنفيذ التحول الرقمي واستكمال الإطار القانوني لضمان الثقة الرقمية للمستعملين والسيادة الرقمية للمملكة.
كما يضع النموذج التنموي الرقمنة كأولوية لتحقيق التنمية والتطور، مما يؤكد قناعة المغرب بأن التحول الرقمي هو مفتاح لتحقيق التقدم والازدهار.
صندوق محمد السادس للاستثمار وميثاق الاستثمار
يمثل تأسيس صندوق محمد السادس للاستثمار جزءًا من الجهود المبذولة لتعزيز الانتعاش الاقتصادي في مرحلة ما بعد جائحة كورونا. ويُعتبر هذا الصندوق، الذي أعلن عن إطلاقه جلالة الملك في أكتوبر 2020 والذي بدأ تفعيله مؤخرًا، تتويجا لمجموعة من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية التي تحققت بفضل القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة.
كما يشكل صندوق محمد السادس للاستثمار رافعة للاقتصاد الرقمي بفضل إسهامه المنشود في تطوير الشركات الناشئة كونه يهدف إلى دعم وتمويل الابتكار والتكنولوجيا الحديثة من خلال تخصيص “صناديق للشركات الناشئة”.
وتجدر الإشارة إلى أن استراتيجية الاستثمار المُتبعة لتطوير المغرب الرقمي لا تقتصر فقط على دعم الشركات الناشئة، بل تشمل أيضًا مشاريع استثمارية أخرى. فقد اعتبر ميثاق الاستثمار الجديد أن تشجيع أنشطة البحث والتطوير والوصول إلى التكنولوجيا الحديثة من المحاور الأساسية لتحسين مناخ الأعمال في المغرب. كما قدم الميثاق مجموعة من المنح تشمل بعضُها المشاريع الاستثمارية التي تعتمد على التكنولوجيا مثل مشاريع التكنولوجيا الحيوية والحوسبة السحابية ومراكز البيانات والبلوكشين والتكنولوجيات الحديثة للنجاعة الطاقية، وغيرها من المشاريع التي تضع التكنولوجيا في خدمة قطاعات استراتيجية أولوية.
التظاهرات العالمية
في إطار تعزيز مكانة المغرب دوليا في مجال التكنولوجيا الرقمية، اهتم المغرب تحت إشراف جلالة الملك بتنظيم العديد من التظاهرات الدولية والقارية والمحلية مثل:
“AITEX Africa”، “African Digital Summit”، “Moroccan Digital Awards”، “Digital Days Morocco Expo”، و”EMEC Expo”…
وأبرز هاته التظاهرات ملتقى “جايتكس افريقيا GITEX Africa -” والذي مكن في نسخته الثانية هاته السنة من جلب أزيد من 1500 عارض و400 مستثمر وشركات ناشئة من 130 دولة.
هذه التظاهرات ساهمت في تعزيز تموقع المغرب عالميًا في مجال التكنولوجيا والتحول الرقمي.
كما أن استعداد المغرب وإشراف صاحب الجلالة على تنظيم تظاهرات رياضية عالمية أسهم بدوره في تطوير المجال لتوفير البنيات الرقمية الأساسية لإنجاح هاته الملتقيات. ويعمل المغرب اليوم على تحديث وعصرنة بنيات الاتصالات وشبكات الألياف البصرية وشبكات المحمول بالإضافة إلى تكنولوجيا الجيل الخامس، وذلك استعدادا لاحتضان كأس العالم 2030 والتي كان قد أعلن جلالة الملك محمد السادس في أكتوبر 2023 عن تنظيمها المشترك بين المغرب والبرتغال واسبانيا.
الاستراتيجية الوطنية “المغرب الرقمي 2030”
يعمل المغرب حالياً على إعداد الاستراتيجية الوطنية للانتقال الرقمي “المغرب الرقمي 2030″، التي تتمحور حول تسريع تبسيط المساطر وتفعيل الإدارة الرقمية لتشمل معظم الخدمات العمومية والتي يبلغ عددها اليوم 600 خدمة إلكترونية، منها 300 خدمة موجهة للمواطنين وأكثر من 200 خدمة للمقاولات وحوالي 100 خدمة موجهة للإدارات العمومية. كما تهدف الاستراتيجية إلى استخدام التكنولوجيا الرقمية لخلق فرص الشغل من خلال تكوين كفاءات متقدمة في مجال الرقمنة وتمكينهم من الولوج إلى سوق الشغل، بالإضافة إلى تشجيع إنشاء مقاولات ناشئة مبتكرة.
وبالموازاة مع إعداد هذه الاستراتيجية، يشهد المغرب العديد من المبادرات في مجال الذكاء الاصطناعي والتي من شأنها وضع قواعد أخلاقية لاستخدام هذه التكنولوجيا على المستويين المحلي والقاري. ومن أبرز جهود المملكة في هذا المجال، إطلاق المغرب والولايات المتحدة لمجموعة الأصدقاء بشأن الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية المستدامة في يونيو 2024.
وتجسد استراتيجيات التحول الرقمي المذكورة، وغيرها من مبادرات لم يتم استعراضها في هذا المقال، مدى التزام المملكة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة عبر الرقمنة، من خلال تحسين الخدمات الحكومية، وتوفير بيئة عمل مناسبة للابتكار، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص. فخلال ربع قرن من الزمن، حقق المغرب تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، قفزة نوعية نحو تحقيق التنمية المستدامة في مختلف القطاعات.
ويتضح جليا من خلال هاته الإنجازات أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤية طموحة للتحول الرقمي، مما يعزز مكانته كواحد من الدول الرائدة قاريا في مجال التكنولوجيا الرقمية. غير أن الوثيرة العالية التي يتطور بها مجال التكنولوجيا الرقمية تستدعي تظافر الجهود لمواجهة تحديات الرقمنة والتسريع في تنفيذ التوجيهات الملكية السامية الهادفة إلى تعزيز السيادة الرقمية للمملكة، وكذا تبني التقنيات المتقدمة في مختلف القطاعات مثل أنظمة الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي والبلوكشين في إطار يضمن مواجهة المخاطر المرتبطة بالأمن السيبراني ويحقق شمولية الخدمات الرقمية لجميع فئات المجتمع.
لقد أرسى جلالة الملك محمد السادس دعائم التحول الرقمي وجعلها جزءاً أساسياً من الرؤية الوطنية للمستقبل. ويستمر المغرب في تحقيق النجاحات على هذا الصعيد، مما يعكس الالتزام الملكي بمواصلة تطوير التقنيات الرقمية وتوسيع نطاق فوائدها إلى أبعد حد لتحفيز الابتكار واستغلال الفرص التي تتيحها الثورة التكنولوجية.